{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)}قال سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضُّحَى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه أنه قال: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} وهي: الملائكة، {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} وهي: الملائكة، {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} هي: الملائكة.وكذا قال ابن عباس، ومسروق، وسعيد بن جُبَيْر، وعِكْرِمة، ومجاهد، والسُّدِّيّ، وقتادة، والربيع بن أنس.قال قتادة: الملائكة صفوف في السماء.وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبَة، حدثنا محمد بن فُضَيْل، عن أبي مالك الأشجعي، عن رِبْعِيّ، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فُضِّلنا على الناس بثلاث: جُعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا وجُعلت لنا تُربتها طهورًا إذا لم نجد الماء».وقد روى مسلم أيضًا، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه من حديث الأعمش، عن المُسَيَّب بن رافع، عن تميم بن طَرَفة، عن جابر بن سَمُرَة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تَصُفّون كما تصف الملائكة عند ربهم؟» قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال صلى الله عليه وسلم: «يُتِمون الصفوف المتقدمة ويَتَراصون في الصف».وقال السدي وغيره: معنى قوله {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} أنها تزجر السحاب.وقال الربيع بن أنس: {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا}: ما زجر الله عنه في القرآن.وكذا رَوَى مالك، عن زيد بن أسلم.{فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} قال السدي: الملائكة يجيئون بالكتاب، والقرآن من عند الله إلى الناس. وهذه الآية كقوله تعالى: {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} [المرسلات: 5، 6].وقوله: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ} هذا هو المقسم عليه، أنه تعالى لا إله إلا هو {رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} أي: من المخلوقات، {وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} أي: هو المالك المتصرف في الخلق بتسخيره بما فيه من كواكب ثوابت، وسيارات تبدو من المشرق، وتغرب من المغرب. واكتفى بذكر المشارق عن المغارب لدلالتها عليه. وقد صرح بذلك في قوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} [المعارج: 40].وقال في الآية الأخرى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] يعني في الشتاء والصيف، للشمس والقمر.